top of page

ديزني .. وسعَار (الصوابية السياسية)!

  • صورة الكاتب: محمد حسن أطرش
    محمد حسن أطرش
  • 29 مارس
  • 3 دقيقة قراءة

الصوابية السياسية

ديزني مصرة على ركوب كافة أجندات (الصوابية السياسية) حتى ولو أدى هذا إلى إفلاسها!


ضجت منصات التواصل بالفضيحة المدوية والفشل الذريع الذي حققه فيلم ديزني الأخير (سنووايت) حيث وصل تقييم الفيلم إلى 1.5 نقطة من أصل 10 بعد أسبوع واحد من صدوره رسمياً في صالات العرض، وهو ادنى تقييم في التاريخ يحصل عليه فيلم من هذا النوع وهذا الزخم، وخاصة بعد أن كلف شركة ديزني ميزانية تقارب الـ 300 مليون دولار! وطبعاً حدث ولا حرج عن الفشل الذريع للفيلم في شباك التذاكر وبلغة المال والإيرادات، إذ لم يحقق حتى الآن سوى 86 مليون دولار فقط، وهو رقم مريع يدل على أن الشركة لن تستطيع استرداد ثلث ميزانية الفيلم على الأقل، علماً أنه في صناعة السينما لا يعتبر الفيلم (ناجحاً) إلا إذا حقق ضعف ميزانيته على الأقل .. فما بالكم بعدم استرداد ثلث رأس المال أصلاً!!!


ماهو سبب الفشل التاريخي (المفرط في الكوميديا السوداء) لهذا الفيلم؟


السبب كما بات يعرف الجميع هو الممثلة التي تم اسناد دور (سنووايت) لها، وهي الممثلة الأمريكية ذات الأصول اللاتينية (ريتشل زيغلر)، وبشكل أكثر دقة فإن السبب هو لون بشرة هذه الممثلة المائل للسمرة بشكل واضح، إضافة إلى افتقارها لأدنى مقومات الجمال الكلاسيكي المتعارف عليه بين جمهور العالم كله، والذي انطبع في أذهان كل الأجيال عن شكل الأميرة (بياض الثلج) وصورتها النمطية التي يجب أن تكون عليه. هذا التنافر الشديد (المقصود والمتعمد من قبل ديزني) بين الصورة النمطية لبياض الثلج وشكل زيغلر الصادم والمزعج والغير مألوف هو الذي خلق ردة فعل عكسية واحتجاجية لدى الجمهور أدت إلى رفضهم لهذا الفيلم بالمطلق، ناهيك عن موجات السخرية العارمة التي اجتاحت كافة منصات التواصل والمنتديات الرقمية والتلفزيونية إزاء الفيلم.


والسؤال هو الآن: هل يعقل فعلاً أن شركة عملاقة مثل ديزني يمكنها أن ترتكب خطأ ً كارثياً كهذا، وتتحمل خسارة مئات ملايين الدولارات لأجل قضية بديهية تعتبر من المسلمات والتابوهات بالنسبة لأجيال وأجيال متلاحقة؟ هل هم اغبياء لهذه الدرجة؟ أم أن في المسألة قضية أخرى؟


الجواب هو الميول الواضحة لدى الإدارة الحالية لديزني لتبني كافة أجندات ما يسمى (بالصوابية السياسية)، وهي باختصار شديد – لأن شرحها معقد وطويل – تتلخص ظاهرياً بالمساواة بين جميع البشر بغض النظر عن أشكالهم وأعراقهم وأديانهم وانتماءاتهم، وهو أمر قد يبدو للوهلة الأولى جميلاً وخلاباً وأخلاقياً، إلا أنه يخفي تحته أموراً صارت لا تخفى على أحد في الآونة الأخيرة.


فلقد أصبحت الصوابية السياسية في السنوات العشرين الأخيرة باباً واسعاً للتطبيع والتصالح مع كل متردية ونطيحة في قواميس البشر! وتحت عنوانها البراق والخلاب يدخل الدفاع عن الشذوذ الجنسي والتحول الجنسي وإطلاق العنان لأقصى مالدى البشر من سفالة حيوانية يمكن تصورها ... وتحتها باتت تدخل شعارات النسوية، والسامية، وكل ما يمكن أن يخطر على بالك من لعب بموازين الحياة وحدود الأخلاق الدينية والمجتمعية، والدفاع المستميت عن حقوق لا أصل لها أساساً. وبالتالي بات الدفاع عن حقوق الأقليات مجرد غطاء ظاهر وتمييع مكشوف للدفاع عن أمور أخرى ترفضها الفطرة الإنسانية السليمة وترفضها كل القيم الأخلاقية والمجتمعية، وارتبط مصطلح (الصوابية السياسية) ارتباطاً وثيقاً بتمييع المفاهيم وخلط الأوراق والانحلال الأخلاقي التام.


هوليود بكل زخمها وارتباطاتها هي منبع الصوابية السياسية وقلبها النابض، وليست شركة ديزني باستثناء، وهي التي بقيت لعقود وسنوات طويلة موئلاً موثوقاً للترفيه العائلي الآمن، إلا أن إدارتها الحالية مصرة بشكل مقرف ومقيت على تبني كافة أجندات الصوابية السياسية بكل مناحيها وشعاراتها، وجميعنا نذكر كيف دمرت ديزني كل جمالية وبراءة سلسلة (Toys) المعروفة بإصرارهم على إضافة جزئيات متعلقة بالشذوذ جنسي في آخر اجزاءها منذ عامين، وكيف خرجت مديرة الشركة للدفاع عن الشذوذ الجنسي بكل وقاحة وإصرارها المقيت على أن ديزني ستتبنى في أعمالها – علناً – مظاهر الشذوذ والدفاع عنه!


اليوم عندما تصر ديزني على منح دور ارتبط تاريخياً بالفتاة البيضاء الحسناء، لممثلة سمراء نحيفة بارزة عظام الوجه ثخينة الحاجبين ولا تحمل أية معلم من معالم الجمال الأنثوي التقليدي المتعارف عليه بين كل البشر ... فهي لا تعني حتماً بهذا التصرف أنها شركة نبيلة تريد الدفاع عن حقوق الأقليات ومنح الجنس اللاتيني الأسمر فرصة للتصدر والظهور، فلقد كان بإمكانهم منح (ريتشل زيغلر) أي دور بطولة في أي فيلم آخر يناسب شكلها وشخصيتها اللذين قد يكونان مناسبان وناجحان للغاية في أدوار أخرى ... إنما قصدت ديزني في تصرفها هذا أن تميع المفاهيم في عقول الأجيال الجديدة ... وتضرب منظومة القيم الجمالية لديهم بزعم ان (كل البشر جميلون) تمهيداً لضرب منظومة القيم الفطرية السليمة تدريجياً لدى المجتمع والأجيال القادمة، والتطبيع مع كل مظاهر الشذوذ والانحراف الإنساني والأخلاقي الذي عرفته البشرية منذ آلاف السنين.


ولأجل هذا الهدف (السامي) لدى ديزني وكل أساطين وقادة الصوابية السياسية، هم مستعدون لخسارة لا مئات ملايين الدولارات فحسب، بل على ما يبدو هم مستعدون لخسارة المليارات في هذا السبيل ... سبيل تمييع وتدمير كل القيم الجمالية والإنسانية والأخلاقية، مستخدمين شعارات براقة وحججاً تبدو في ظاهرها عادلة وقيمية، بينما هي في الجوهر منحطة وشيطانية بكل المقاييس.

تعليقات


bottom of page