عودوا إلى الثورة
- محمد حسن أطرش

- 11 مارس 2015
- 3 دقيقة قراءة

صورة تدمي القلب حقاً !! صورة الإعلامي المرافق لجيش النظام وهو يرمي رايات الفصائل في حاوية القمامة !!! صورة في مناطق الساحل السوري التي بدأت تـضـيــع منا الواحـدة تـلـو الأخـرى !!!
ولماذا يا ترى ؟؟؟
القصة وما فيها بكل بسطة ومنذ البداية ... أن الثورة بدأت في سوريا على أيدي شباب يحمل تديناً فطرياً بريئاً مع استعداد كبير للتضحية وبذل النفس ومقابلة الرصاص الحي بالصدور والاغتسال وكتابة الوصية قبل الخروج إلى المظاهرة ... على أكتاف مثل هذا الشباب بدأت تترنح عروش الطغاة ، وكان نظام القرداحة وقتها مهدداً بالسقوط حقاً ما لم يحدث من قبل أبداً !!!
هذا الوضع أتاح المجال بعد ذلك لأصحاب الفكر الصبياني وجماعات المراهقة الفكرية من صنيعة أجهزة الاستخبارات ودوائر الماسونية العالمية التي صنعت وربت وهجّنت شكلاً مشوهاً عن الإسلام الحنيف لتخرجه إلى الساحة وقت الحاجة ... أتاح لهم هذا الوضع الجديد في سوريا أن يرفعوا عقيرتهم ويصبح لهم شأن وقد كانوا قبلاً لا يجرؤون على مناقشة أصغر جندي في شعبة التجنيد قبل أن تقوم الثورة السورية وتفسح لهم المجال ليصولوا ويجولوا وينشروا فكرهم الأحمق بين الشباب الفقير البسيط الذي لا يملك أي وعي ، مستغلين الفطرة الدينية التلقائية الموجودة في قلوب الشعب السوري ، ومكرسين خطاب المظلومية والانتقام وإقامة الدولة العظمى التي تسود العالم ( لاحظ أنهم لا يختلفون في ذلك عن الفكر الرافضي المتطرف ) !
وهكذا ... قام هؤلاء الصبية بأدلجة الشباب بعد أن تنكروا لشباب الفطرة الذين أشعلوا الثورة وأتاحوا لهم منابر ومراكز اجتماعية ... وقاموا بنشر مفاهيم المفاصلة وأفتوا أنه لا جهاد بلا صفاء منهج ولا شهادة بلا راية واضحة وأن علم الاستقلال ما هو إلا رمز وتكريس لسايكس بيكو ، مع أن سايكس وبيكو نفسيهما لو سمعا بذلك لتعجبا من الكذب عليهما !!!
كان على إثر هذا أن ترعرع فكر داعش في صفوف من حارب داعش !!! وجهزوا لداعش آلافا من الشباب الذي أصبح مهيأاً أن يلتحق بصفوفها لأنها نادت بشعارات ( أصفى ) من شعاراتهم ورفعت راية ( أوضح ) من راياتهم !!! فأصبح عندنا بدل علم الاستقلال الموحد عشرات الرايات وبدل منهج الثورة والاستقلال عشرات المناهج !!! وأصبح لدينا بدلاً من تنظيم داعش عشرات التنظيمات الأخرى التي تحمل ذات الفكر بقصد أو بدون قصد !!! وليس هذا فقط ، بل وتصارعت المناهج ( الصافية ) والرايات ( الواضحة ) فيما بينها تباعاً ، ابتداءاً بالحرب التي أعلنتها الفصائل ضد تنظيم داعش منذ عامين تقريباً ، وانتهاءاً بالأحداث الأخيرة التي حصلت مؤخراً في سلقين بين كل من أحرار الشام وجبهة النصرة ... وليس هذا فقط أيضاً ... فالكارثة الكبرى أن النظام – مستقوياً بحلفائه – يستغل هذا الاقتتال وهذا التشرذم شر استغلال ، ويتقدم تدريجياً منذ عامين حتى اليوم في مناطق لم يكن ليحلم أن يصل إليها من قبل !!!!!
طبعاً أنا هنا لا أعمم ... ولست ضد الفكر الجهادي الإسلامي لذي نحمله نحن السوريون في قلوبنا ووجداننا بالفطرة ، ذلك الفكر الذي لطالما دافعت عنه شخصياً ضد التيار العلماني – المتطرف منه - الذي يشن هو الآخر حرباً شعواء على كل ما هو إسلامي ، ويريد لنا أن نقيم دولة لا تمت بصلة لفكر الشعب السوري ولا طريقة حياته ولا الآمال التي يبنيها في غده ! إنما أنا ضد أدلجة الثورة بشكل يبتعد تماماً عن مفهومها كثورة ، وزرع فكر غريب استعدائي نزق في أذهان شبابنا وجيلنا الصاعد بشعارات ظاهرها إسلامي ناصع وداخلها أجوف فارغ ، لا تختلف في ذلك بأي شيء عن الشعارات البراقة التي كان يرفعها حزب البعث ولا ينفذ منها حرفاً واحداً !!! أنا ضد التشرذم والاقتتال وتعدد الأهواء والتقسيم المتعمد والمفاصلة ... لقد كانت الثورة في يوم من الأيام قبضة واحدة ... وكتلة واحدة ... وجيشاً واحداً ... وعلماً واحداً ... وكنا وقتذاك فقط أشد ما نكون إوجاعاً للنظام وتهديداً لسقوطه !!! حتى أتى هذا الفكر الغريب على أرض الشام وبلاد الشام ، فمزق ثورتها ومجتمعها ، وشتت أهدافها ، لا وبل أغرى كل أعداء الدنيا فينا ، فلم يبق كاره ولا حاقد ولا صاحب مصلحة إلا وغرس براثنه في مصير سوريا وساهم في تأزيم وضعها والابتعاد بها رويداً رويداً عن نقاء ثورتها ... تلك الثورة التي لم تقم أصلاً إلا لهدف واحد : إسقاط نظام القرداحة المجرم ، وإقامة الدولة العادلة الناهضة الحرة القوية ... فقط .










تعليقات